الاثنين، 26 مارس 2012

رجل تحكمه الظروف

في البداية أنا لست كاتبة قصص منسقة و ربما يكون أسلوبي ضعيف و لكن أحب أن أكتب قصص تحاكي الواقع لذلك تقبلوا مني هذه القصة ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ


رجل تحكمه الظروف
***********************



الظروف أحياناً تصنع من الناس شخصيات و أفراد مختلفون تُكون منهم نموذج سيء أو نموذج جميل كلاً حسب أصول التربية و ضميره الذي يوجهه ..

لكن أسوء النماذج تلك التي تقسو على أقرب الناس له و المبرر هو الظروف و الحياة و المادة ..

تشعر في بعض الأوقات أنك في غابة و البشر وحوش ربما تظهر قلوبهم البيضاء ساعات و ساعات تختفي ..

هنا بطل قصتنا رجل عاش نموذج مثالي للكائن البشري الذي تحول بسبب الظروف إلى نموذج سيء لأنه جعل الظروف تتحكم به و لم يتحكم هو بها ..

الفصل الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

صلاح فتى مراهق ذكي لماح طيب القلب عاش مع أسرته المكونة من أم و أب و ثلاث بنات ( سعاد و سميرة و سهام) ..
كانت أخواته أصغر منه و كان يعتبر نفسه مسؤلاً عنهن رغم وجود الأب ( الحج عبد الرحمن ) و لكن لانشغال الأب بأعمال التجارة كان صلاح لا يرفض لوالدته وأخواته طلب ..
عاش صلاح مع أسرته و أكمل تعليمه الثانوي و بدأ بمساعدة والده بالتجارة , كان أكثر العمل يقع على عاتقه , و لم يخف والده عليه رغم صغر سنه و كان يثق بأصدقائه و الذين كانوا يعملون معه بتعليمه و مساعدته , و من هنا بدأت مأساته ..

تعلم صلاح أصول التجارة و أصبح من ذوي الخبرة و لكنه بالمقابل خسر نفسه حيث إنه بدأ يتعاطى المحرمات و ذلك بسبب إهمال والده و عدم مراقبته , و لم يجعل صغر سنه بالحسبان ..

و عندما علم الوالد بما أصاب إبنه فكر بشيء يمكن أن يعيد له إبنه ( البعض يعتقد بأفكار ربما تحل له مشكلته ) فنادى إبنه وقال له :

= ما رأيك يا ولدي أن أزوجك ؟!!
= الرأي رأيك يا والدي ..
= حسناً , لقد اخترت لك فتاة من عائلة كريمة و غنية ..
= موافق يا والدي مادامت الفتاة من طريقك فأنا لا رأي لي بعدك ..

تم زواج صلاح بالفتاة سليلة الحسب و النسب , و استمر زواجه بما يقارب السنتين و لم يأتي أي مولود و هذا زاد من إبتعاد صلاح عن زوجته بالإضافه إلى إنه لم يرغب بها و لكن رغبة منه بإرضاء والده .. رغم إنها كانت تحبه و تحاول إرضاءه بكافة الطرق ..

كان تفكير والده من ذوي الأفكار القديمة الذين لا ينتظرون و لا يؤمنون بالطب , لذلك فرض على ولده صلاح أن يتزوج مرة أخرى ..

صلاح وافق طبعاً و هذه المره لأنه يرغب هو بالزواج ..

تزوج صلاح هو و أخته سعاد في نفس اليوم ..
سعاد تزوجت من إبن عمها عبد اللطيف والذي كان بيتهم يجاور بيت والدها ..
كان عبد اللطيف شاب مغترب في إحدى الدول العربية المجاوره لذلك ما أن انتهت مدة إجازته السنويه حتى عاد إلى غربته بعد أن ترك سعاد في بيت والدها و هي حامل ...

أما صلاح و الذي تزوج من الثانيه و التي كان سعيداً معها بحيث بدأ بالتقصير مع زوجته الأولى و لكن يالا الأقدار ما أن مر على زواجه بضعة أشهر حتى جاءه نبأ بأن زوجته الأولى حامل ..
طار صلاح من السعاده و بدأ بالعدل بين زوجتيه بكل شيء حتى بعقد الفل الذي كان يشتريه لهن , و قد عرف بأنه أفضل رجل يعدل بين زوجتيه رغم أن قلبه كان يميل للزوجه الثانيه ..

مرت الأيام و أنجبت له زوجته إبنه البكر شريف , فرحت به الأسرة أجمع فقد كان أول حفيد لهم , لذلك عمت الفرحة جميع المدينه من كثرة الولائم و توزيع الصدقات ..


****************************
الجزء الثاني
*****************


مرت الشهور و و صلاح يزيد تعلقة بولده شريف , و هاهو يتلقى نبأ حمل زوجته الثانية و قد كانت سعادته لا توصف فقد كان يرغب كثيراً بإنجاب أطفال من زوجته الثانية ..

مرت السنين و تزوجت أخوات صلاح سميرة و سهام بنفس المدينة التي يعيشون بها ...

كانت زوجة صلاح الثانية مسيطرة عليه كثيراً و قد إستطاعت تغييرة كثيراً من ناحية أخواته فقد كان مقصراً معهن فلا يزورهن و لا حتى يتواصل معهن هاتفياً , و هذا زاد من حزن أمه عليه , و كانت تحاول أن تنصحه و لكن كانت زوجته لها تأثير أكبر ..
مات الأب و بدأ حياته مع زوجتيه كل منهما تحاول أن تجعله ملكها الشيء الوحيد الذي كانت تتفقان عليه هو محاولة إبعاد صلاح عن أمه و أخواته ..
كثر اولاد صلاح من زوجتيه و زادت طلباتهم , خصوصاً أن زوجتيه من النوع الذي لا يقدر الظروف ..
باع بيت والده و ذهبت أمه لتعيش مع اخته سعاد فقد كان زوجها طيب القلب ..
لم يفكر كيف تعيش امه مع إبن عمه و هو أحق برعايتها و لكن كان قلبه يقسو و يقسو ..
تدمرت حالة صلاح و تجارته التي كان والده قد أسسها و تمنى أن يكون صلاح على قدر من المسؤلية و يكمل طريقه ..
مر صلاح بظروف صعبة جعلته يعود لأمه و يشكو لها حاله , و هنا تحرك قلب الأم و التي لم يهن عليه منظر إبنها و قالت له :
= هذا ذهبي خذه و بعه و ابدأ بتجارة أو بمشروع صغير يكفل لك حياة كريمة ..
= و لكن يا أمي كيف سأرد لكِ هذا الذهب إنه كثير و ربما لا أستطيع أن أعيده ..
= لا عليك فقد كنت أخبئه لحاجة و أنت هنا بأمس الحاجة إليه فخذه يا ولدي ..
أخذ ذهب والدته و بدأ بتجارة للاثاث المنزلي و عاد صلاح من جديد و لكنه لم يعتبر مما حدث معه سابقاً لذلك كان يبذر و كل طلبات زوجتيه و أبنائه أوامر ..

حزنت سعاد لأن أمها سلمت كل الذهب لصلاح و قالت لها :
= يا أمي إن صلاح أناني و ها هو سوف يصرف المال على زوجتيه دون تعقل و روية ..
= لم أستطع أن أقاوم حزنه .. لقد كان في حاجتي , و هل تريديني ان أراه يتحطم و أسكت ؟!!!
= يا أمي إلا تعلمين أن لنساءه مجوهرات كثيرة لماذ لم يبعن ؟!! لماذا لم يقفن بجوار زوجهن ؟!!
= لقد أتاني و ماذا أفعل , اتركي زوجتيه سيأتي لهن يوماً من عند الله ..
= حسناً يا امي و سترين كيف أن صلاح لن يريكِ نفسه حتى يحتاج مرة أخرى ..
رفعت الأم يدها للسماء تدعو لإبنها بالهداية و التوفيق ..


***************************

الجزء الثالث
*******************
كان صلاح من أشد المبذرين و أيضاً لم يعطي حق الله في أمواله لم يتصدق و لم يخرج الزكاة , فقد كانت زوجتيه كل منهما تأخذ لها و لأولادها و لا يهمهم أية حقوق أخرى ..
أخواته و أمه لم يزرهم و لم يسأل عنهم إلا إذا كان بحاجة لنقود ..
**************
حضرت سميرة لبيت أختها و معها حقيبتها وولدين لها و تظهر عليها علامات الحزن الشديد ..
عرفت كلاً من الأم و سعاد أنه قد حدثت مشكلة بين سميرة و زوجها ..
فتساءلت الأم :
= مالذي حدث يا سميرة لماذا تركتي بيت زوجك و أنتي بهذه الحالة ؟!!
= لقد طلقني يا أمي ..
= ماذا طلقك و ما السبب ؟!!
= صلاح يا أمي .. أخي هو السبب ..
= ماذا تقولين كيف صلاح هو السبب ؟ لماذا كل ما حدثت مشكلة رددتن صلاح هو السبب !!!
بكت سميرة و لم تستطع الحديث , فقالت سعاد أتركيها يا أمي حتى نفهم ..
تحدثت سميرة بصعوبة بالغة و قالت :
= بين كل فينة و أخرى يأتي صلاح ليستدين مال من زوجي و زوجي يعطيه بإعتقادة أن صلاح سوف يرد له المبلغ ..
و هكذا ظلت الديون تتراكم على صلاح و عندما واجهه زوجي رفض أن يعطيه أي مبلغ و قال إذهب للشرطة لتأخذ حقك مني و لأن زوجي كان يقرض صلاح دون أوراق فقال لأخي :
= حسناً سأخذ حقي إنتظر الليلة سأرد حقي كاملاً ..
أخذ زوجي كل مجوهراتي و طلقني و قال :
= قولي لأخوكِ يعطيكي المؤخر أو يذهب للشرطة حتى تأخذ حقها مني ..
هل عرفتم كيف يكون صلاح هو السبب ...
حزنت الأم كثيراً لما فعله صلاح و قالت :
= حتى لم يترك لنا بيتاً نعيش فيه فلا يجب أن نثقل على عبد اللطيف مهما كان طيباً فهذا بيته و يجب أن يشعر بالراحة فيه ..
مرت الأيام و فكرت سميرة بأن تعمل بأي حرفة نسائية حتى تكفي أولادها و تخفف من حمل زوج أختها و أبن عمها فهو ليس له ذنب ..
قامت سمير بصنع الحلويات و بيعها حتى أصبحت من أكبر صانعات الحلوى و أشهرها في المدينة , و أخذت لها بيتاً و أسكنت والدتها معها هي وولديها ..
*************

الجزء الرابع
**************
مرت السنيين و ضاعت أموال صلاح و تجارته , و كانت أخواته بفضل حكمتهن و ذكائهن يتقدمن و يبنين أفضل مستقبل لأولادهن ..
تحول صلاح لأخته سهام و كان يحاول أن يأخذ قرض من زوجها و لكن كان زوجها ذكي و لم يعطيه أي مبلغ ..
فمن هنا بدأ يحارب زوج أخته في عمله و كان يسيء لسمعته أمام الناس و لكن كل هذا لم يؤثر في زوج سهام ..
لقد إتفقت الأخوات على أن لا يساعدن صلاح بأي شيء حتى يعرف غلطته ..
و هنا غضبت الأم منهن و لم تكلمهن ..
فقامت سهام و سعاد بإرضاء والدتهن فجمعن القليل من المجوهرات و التي كانت والدتهن أعطتهن إياها قبل زواجهن فبعد أن جمعنها قدمن المجوهرات لأخيهن صلاح .. أما سميرة فقد قالت :
= أنا أسفة يا أمي تعلمين أين مجوهراتي القديمة و الجديدة فقد أخذت مقابل ديونه ..
مرت الأيام و ها هو بدأ ينصب على الناس الأغراب و لم يترك أحد في حاله حتى هرب الناس جميعهم منه ..
أصبح أولاده منبوذين من الجميع فلم يعد أحد يصادقهم أو يقبل أن يزوج بناته لهم ..
تعرض أكبر أبناءة لحالة نفسية رهيبة فلم يكمل دراسته و لم يستطع العمل حتى كان يأخذه للأطباء فاستعصى عليهم العلاج و أخبروه أنه ليس لديهم علاجه ..
مما حدا بأم شريف أن تأخذه للسحرة و المشعوذين مما زاد من حالته سوءاً
و هكذا كان يضرب أمه و يسرق النقود و حتى أثاث البيت ليذهب و يصرف من هذه النقود و ساعات يجمع النقود و يحرقها ..
كانت هذه حاله و رفض والده أن يرسله لأي مستشفى للعلاج خوفاً من أن تتفاقم حالته ..
كان شريف يذهب لعمته سهام و كانت تعطف عليه و تطبخ له ما يحبه من الطعام دون أن تعطيه أي مال خوفاً عليه و مما يفعله بالمال ..
و كان شريف يحب عمته جداً و كان يعاملها بهدوء و كأنه إنسان عاقل كل هذا من حسن معاملة عمته له ..
فجاءت يوماً من الأيام أم شريف لزيارة سهام :
= إني أرى أن شريف يحبكِ كثيراً ..
= نعم و أنا كذلك , لذلك عليكي أن تعامليه معاملة حسنة و هو سيكون هادئ ..
= بما أنك تحبيه و هو هادئ معك فلو زوجتيه إبنتكِ و جعلتيه يعيش معكِ !!
هنا صعقت سهام و قالت :
= إلا تعلمين إنني أفعل كل ذلك و زوجي لا يعلم ماذا تريدين أكثر من هذا , و أيضاً تريديني أن أحطم حياة إبنتي ..
لو عرف زوجي لطلقني , أرجوكِ إذهبي من هنا و أيضاً شريف لن أستقبله بعد اليوم مادام هذا تفكيركم ..
و هنا قطعت سهام علاقتها بأخوها صلاح و زوجته و إبنه شريف , مما زاد من مرض شريف و حالته النفسية , لدرجة إنه كان يضرب والدته و غيرها من الأمور السيئة ..


******************** 
الجزء الخامس
******************
تخرج إبن صلاح ( محمود ) من زوجته الثانية من الثانوية بامتياز فأصرت أمه أن يذهب إلى دولة أوروبية للدراسة , و بعد إصرار أرسله والده إلى الدراسة و قد كانت الفرحة تعم الجميع ..
بعد سفر محمود تزوجت أخته ريهام من شاب يشغل مركز وظيفي مرموق و لديه أسرةٌ معروفةٌ بثراءها ..
عاشت سعيدة مع زوجها و أسرته ..
لم يمر حتى عام واحد إلا و عاد محمود من رحلته الدراسية و هو بشكل آخر كان دائم السرحان تأتيه نوبات تشنج عنيف , و كل هذا و الأم تتحسر عليه و تقول إن إبنها قد سحر من قبل أعداءهم , لذلك لم تكذب خبراً حتى لفت به على كل السحرة و المشعوذين مما زاد من حالته سوءاً مثل أخيه شريف ..
ظل صلاح يفكر لماذا أولاده يتعرضون لمثل هذه الحالات !! لماذا هم بالذات , لم يحاول أن يصلح من أخلاقة أن يرى فيما هو مقصر أن يبحث عن سبب كل هذا البلاء ..
مرت السنيين و ها هي إبنته ريهام تعود إليه مطلقة تحمل معها حقيبتها فقط بعد أن أخذ منها زوجها مجوهراتها و أبناءها ..
حاول صلاح الإتصال بزوج إبنته لعله يعيد المياه إلى مجاريها لكن دون فائدة فقد كان الزوج مصمم على رأيه ..
مرض صلاح بمرض خبيث و لم يجد أحد حوله من أولاده و لا حتى زوجتيه الكل فر من حوله .. مرض صلاح و قد اعطته إحدى زوجتيه جزء من البيت لكي يعيش فيه و جعلت إحدى زوجات إبنها تعطيه الطعام مثل الغريب ..
لم يجد حوله من ضحى بأغلى ناسه لأجله , لم يجد حوله من جعلوه يقصر في واجباته أمام الله و أمام الأرحام ..
و في يوم جاءت أخواته الثلاث لزيارته و الحزن بادي عليهن لما آلت إليه حال أخيهن صلاح ..
فبكى صلاح عندما رأى أخواته و سأل عن والدته و قال :
= لماذا لم تأتي أمي معكن ؟!! , أعرف فهي غاضبة مني , و لكن قلن لها إنني بحاجة لها ؟, بحاجة لدعاءها ..
طأطأت الأخوات رؤسهن حزناً و زادت دموعهن نزولاً ..
= ماذا هناك ,إذا كان و لا بد ساعدنني كي أذهب إليها بنفسي ..
ردت سميرة بصوت حزين :
= ليس هناك من داعي لذهابك فقد إنتقلت أمي إلى رحمة الله ..


*******************

و إلى هنا إنتهت القصة ربما لا أصل إلى درجة الكتابة الأدبية و لكني أريد ان أقدم رسالة من قصص الواقع و التي يظهر أن الإنسان يعاقب بسبب أخطاءه و لكنه لا يتعض ..
و أهم شيء هو الإبتعاد عن أكل المال الحرام و قطع الأرحام ..  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق