ما أجمل هذا الحقل الذي يقع فوق تلك الهضبة , حقل سنابل جميل , يختلط فيه اللون الأصفر مع الأخضر , و حوله أشجار عالية تسكنها عصافير ملونة ترنو بصوتها كل صباح بنشيد الحياة الجميل ..
يمر بجانب الحقل جدول رقراق عذبٌ فرات , يزيد من روعة المكان و إبداع الخالق في خلقه , فسبحان الله الجميل المتعال ..
كانت السنابل سعيدة جداً بروعة الحياة , و كانت في صباح كل يوم تشرق فيه شمس الحياة تداعب أوراق السنابل فتعلو أصواتها مبتهجة بعد مرور نسمة ريح عابرة ..
و في وسط ذلك الحقل كانت هناك سنبلة تفيض مرحاً و سعادة .
و لم يكن يعكر صفو تلك السنابل غير ثعابين الليل و صوت فحيحها المخيف , و كل ما مرت تلك الثعابين من بين سيقانها ثبتت في مكانها و توقفت أنفاسها حتى لا تسمعها الثعابين ..
فتجرأت يوماً السنبلة و قالت :
= لماذا هذه الثعابين تعكر صفونا و تحاول إرعابنا في حقلنا ؟!!!
ردت عليها إحدى السنابل :
= إنها لا تؤذينا فلماذا الخوف منها ..
= لا أعرف و لكن كلما رأيت أحدها يلتف حولي تنتابني حالة من الرعب ..
= إنها مجرد ثعابين تمر من بين السيقان و الأغصان , تخرج بالليل للبحث عن طعام ..
و في يومٍ من الأيام سمعت السنابل صاحب الحقل يحدث رجلين :
= أريدكم أن تساعداني في التخلص من الثعابين أخاف أن تلسع أحداً فلسعتها مميتة ..
أجاب أحدهم :
= لا تقلق , في أقل من أسبوع سوف نخلصك منها و لن تجد لها أي أثر ..
فرحت السنبلة بهذا الخبر الذي سمعته و صاحت مبتهجة :
= أخيراً سوف أتخلص من تلك الثعابين المخيفة ..
فرحت و رقصت و شاركتها الفرحة و الإحتفال مجموعة من السنابل , و لكن كانت هناك سنابل أخرى لم يعجبها هذا الحديث و آثرت الصمت و الإنتظار على الرقص و الإحتفال ..
مرت الأيام و اختفت الثعابين بسبب المصائد التي وضعها الرجلين ..
أشرقت شمس يوماً جديد خالي من الثعابين , و لكن كانت أغلبية السنابل تشعر بعدم الأمان و الراحة , و لكن لا تعرف ما هو سبب هذا الشعور الغريب ..
كان يوماً هادئاً و كان الهدوء مخيفاً جداً لدرجة أن هذا الشعور إنتقل إلى السنبلة التي كانت سعيدة من ذهاب الثعابين ..
و ما هي إلا لحظات حتى قطع هذا السكون الغريب و الصمت الرهيب صوت إحدى السنابل الفزعة و كانت تشير إلى أحد الإتجاهات , إلتفتت السنابل لتعرف السبب فوجدت مجموعة كبيرة من الفئران تهجم على الحقل و تخرب فيه تأكل من هنا و هناك في عشوائية و دمار ..
سقطت السنابل صريعة مشوهة لا تنفع و لا تغني من جوع ..
ففهمت السنبلة في آخر لحظات حياتها الحقيقة التي لم تكن تريد أن تفهمها ..
هذه هي حياتنا عندما نود أن نتخلص من بعض الحواجز في حياتنا دون دراسة أو فهم و إدراك .. نتصرف بعشوائية فنقع في خطأ أكبر و في مأزق ربما لا نستطيع الخلاص منه ..
فقبل التصرف يجب التفكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق