الخميس، 8 مارس 2012

هل التاريخ علم ..




هل التاريخ علم ؟!!

@@@@@@@@@@@@@




هناك عدة مواقف للإجابة على هذا السؤال 

الموقف الأول يرى أن التاريخ علم و الذي يعبر عنه المؤرخ الإنجليزي بوري j.k.bury ( 1861- 1927 م ) بقوله : (( إن التاريخ علم لا أكثر و لا أقل )) 

أما الموقف الآخر فإنه يرفض الإعتراف بعلمية التاريخ . و يتبني هذا الموقف طائفة من العلماء . على رأسهم العلماء المنتمون إلى دائرة العلوم الطبيعية . 

و يعبر عالم المنطق و الإحصاء – الإقتصادي و الرياضيات البحتة جيفنز w.s.jevons ( 1835- 1882 م ) عن رأي الرافضين هؤلاء بقوله : " من السخف أن ننظر إلى التاريخ على أنه علم بالمعنى الصحيح " . و يستند هؤلاء في موقفهم إلى ان العلوم (( أي العلوم الطبيعية )) تختلف إختلافاً جوهرياً عن التاريخ .

فمادتها ثابتة , قابلة للتحديد , يمكن معاينتها , معاينة مباشرة و إخضاعها للإختبار و التجربة . 
و هو ما لا يتوفر في المادة التاريخية . فالواقعة التاريخية تمثل حدثاً قائماً بذاته , غير قابل للتكرار . و مادتها تتصف بالتركيب اللاتهائي . و ليس هناك اتفاق بين المؤرخين , على ما هو هام و ما هو غير هام من الوقائع التاريخية . و عنصر المصادفة في التاريخ يهدم كل تقديري سابق , و لذا يصعب التنبؤ بما سيحدث من وقائع على وجه اليقين . و لما كان هذا هو شأن مادة التاريخ و وقائعه , فإنه لا يمكن الوصول في مجاله – أي في مجال التاريخ – إلى وضع قوانين علمية , قابلة للتعميم , كما هو الحال في مجال العلوم التطبيقية ..
و إلى جانب هذين الرأيين المتناقضين , يقف رجال الأدب موقفاً متميزاً , فهم غير معنيين بعلمية التاريخ أو عدم علميته . و سواء لديهم أكان التاريخ علماً أم لا , فهو دون شك فن من الفنون . و هذه صفة لا يمكن التنازل عنها امام حماس أولئك الذين يصرون على أن التاريخ يقف على قدميه . إنه لن يستطيع إلا أن يحشد ركاماً من المادة التاريخية الجافة , التي لا تستطيع أن تقربنا من حقيقة المادة التاريخية . 
إن الإحساس و الخيال ضروريان لإعادة الحياة إلى تلك المادة التاريخية و إبرازها بثوب مناسب , يقربنا من صورة الاحداث الماضية . إن ما يتصف به رجل العلم من حياد جاف , لا يناسب مجال التاريخ , فالتاريخ ليس مجرد مادة يمكن إعادة تركيبها , بل هو حياة مليئة بالأحاسيس و الأشواق و المعاناة و الأحزان و الأفكار . 
و هو عواطف و مشاعر و خيالات بشرية , أثرت في الوقائع و تأثرت بها . و نتج عن ذلك صورة الحياة الماضية , التي نحاول إعادة تصويرها . و لذا لا بد لتحقيق هدفنا من مؤرخ معني بشؤن النفس البشرية , إلى جانب عنايته بالوقائع المادية . و عمل المؤرخ بهذه الصورة يجعل التاريخ فناً من الفنون يرتفع فوق مستوى العلم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق