موضوع التاريخ
&&&&&&&&&&&&&&
حتى يكتمل فهمنا لمعنى التاريخ , لابد أن نلم بموضوعه . فإذا كان التاريخ هو أحداث الماضي من ناحية . و هو العلم الذي يدرس أحداث الماضي و يدونها من ناحية أخرى , فما هي أحداث الماضي التي نقصدها , و بمعنى آخر موضوع هذا العلم على وجه التحديد .
لقد شهد الماضي أحداثاً كثيرة مختلفة . فهل تدخل كل أحداث الماضي ضمن موضوع علم التاريخ ؟.
إن التاريخ بمعناه الواسع يهتم بما هو متغير عبر الزمان . و بما أن كل مظهر من مظاهر الكون يطرأ عليها التغيير فإننا يمكن ان نتحدث عن تواريخ كثيرة , تتناول الأرض و الحيوان و الفلك و الطب و الفلسفة و اللغة .... إلخ .
و لكننا عندما نتحدث عن علم التاريخ فإننا نعني بذلك العلم الذي يقصر إهتمامه على الماضي البشري , أي على جزء من أجزاء الصيرورة الشاملة و هو الجزء الخاص بالإنسان ..
و حتى الماضي البشري نفسه لا يدخل جميعه ضمن موضوع علم التاريخ . فتفرع الإنسان مثلاً إلى أجناس و العوامل التي أدت إلى هذا التفرع و المراحل التي قطعها , هي من اختصاص علم آخر , هو علم ( الأنثربولوجيا ) . لقد حصر علم التاريخ همه في دراسة الماضي البشري منذ بدأ الإنسان يستغل الطبيعة و ينتظم في مجتمع و يعبر عن نفسه بالكتابة .
أما ما قبل ذلك فتتوزعه علوم أخرى كالأنثربولوجيا و الآثار و غيرهما . و هي علوم ذات علاقة وصلة وثيقة بعلم التاريخ – بطبيعة الحال – إذ تهدف جميعها إلى التعرف على الإنسان في مختلف مراحل تطوره .
و إذا كان التاريخ زمنياً لا يتوغل بعيداً إلى ما يعرف بما قبل التاريخ , أي ما قبل اختراع الكتابة , و اقتصر على دراسة أحداث الماضي البشري , منذ اختراع الكتابة , فإنه قد ظل لوقت طويل يحصر همه في الوقائع الحربية و التقلبات السياسية .
إلا انه قد أصبح الآن أكثر شمولاً فغدا يضم ضمن دائرة إهتمامه , الحياة البشرية في الماضي بمختلف مظاهرها الإقتصادية و الإجتماعية و الإعتقادية و الإبداعية , و التي لم تعد تعتبر أقل أهمية من الحروب و التغيرات السياسية بل و تفوقها من حيث أنها كثيراً ما تكون هي المحركة للحروب و الأحداث السياسية .
و هكذا فإن موضوع التاريخ هو الماضي البشري , بجوانبه المختلفة :
الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الإبداعية و الإعتقادية , منذ إختراع الكتابة و حتى العصر الراهن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق